إلى البيت العتيق

منبر عدن - خاص

شعر: نادر سعد العُمري

مررنا سِراعًا في بلاد الطوالقِ
وجُزنا دَثيناتٍ وأرضَ العوالقِ

وسِرنا بأعلى حضرموتَ وما بنا
هوىً للغواني أو صدورِ العواتقِ

ولكنْ إلى البيت العتيق سرى بنا
هوىً وحنينٌ.. والهوى خير سائقِ

إلى الكعبة الغراءِ تهفو جوانحي
وترنيمةَ الأشواق ينشد خافقي

إليها قطعنا الرملَ، والرملُ لم يزل
رفيقًا لساعٍ من فِجاج المشارقِ

كأني وهذا الرَّكْب يَستبقُ المَدى
أرى البيتَ والأركانَ في كل بارقِ

إذا اجتزتُ من وادي الدواسر والتوى
طريقي وأنفاسُ الحجاز مُرافقي

وفي رَنْيةٍ لاح السبيلُ، ورفرفتْ
إلى الطائفِ الفَيحا حُشاشةُ وامِقِ

وأرسلتُ في قَرن المنازلِ هائمًا
لواعجَ مشتاقٍ وأشجانَ عاشقِ

هنالك لبّينا.. وفي الرُّوح نزعةٌ
إلى الموطنِ العُلْويِّ فوقَ الخلائقِ

إلى الرَّوح والريحان والمنزل الذي
طوى نحوَه القُصّادُ شتّى الطرائقِ

فإن شئتَ من نَعمانَ ذكرى متيّمِ
فَسَلْهُ.. فكَم جَلّتْ به من حقائقِ

ومنه إلى البيتِ الحرام تسارعتْ
خُطانا. . وطِرْنا من مَسُوْقِ وسائقِ

كأني وقد أرسلتُ كفي لرُكنهِ
مُعانقُهُ شوقًا له ومُعانقي

أطوفُ بجُثماني، وروحي سَمَتْ إلى
عوالمِ أسرارٍ تَجَلّتْ بشاهقِ

هنا بدأ التاريخُ واكتمل الهدى
وتمت به النَّعماءُ من بعد ضائقِ

هنا صدعَ الهادي بقرآنِ ربّهِ
صلاةٌ عليه.. من أمينٍ وصادقِ

هنا النصر والفتح المبين، هنا هَمَتْ
غيوثُ الهدى تَسقي زهورَ الحدائقِ

هنا الأمن والإيمان والدار والهوى
وهل غيرَ بيتِ اللهِ يشتاقُ خافقي؟!

هنا النورُ والفضلُ المَزيدُ، فحُبُّهُ
حياةٌ، وبغضُ البيتِ سيما المنافقِ

أطوفُ وفي قلبي تطوفُ أحبةٌ
بأكنافِ بيتِ القدسِ هم خيرُ مَن بَقيْ

رضعتُ هواهم في حليبِ أُمَيمتي
أُسودُ بطولاتٍ، ومعدنُهم نقيْ

ونبضُ فؤادي موطني، ومرابعٌ
رَتعتُ بها طفلًا، وشَبّت مفارقي

وللبيتِ من وحي السماءِ بقيّةٌ
بجَذبتهِ الأرواحُ تَسري وتلتقي

وللروحِ عند البئر سَكرةُ مُولَعٍ
بزمزمَ أكبادُ المحبين تستقي

وسَلّمتُ من أصلِ الصَّفا واحتملتُها
بأنفاسِ انفاسي لأسعى وأرتقي

وضاءتْ مصابيحي على مَروةِ النَّقا
كشمسٍ أضاءتْ بالنَّقى كلَّ شارقِ

دعوتُ لأحبابي، وأَسبلتُ مَدمَعي
ذليلًا أمامَ الله ربّي وخالقي

فسبحانَ من اسرى بقلبٍ مُتيّمٍ
إلى بيتهِ الأدنى، وحمدًا لرازقي

الأربعاء ٩ رجب ١٤٤٤
أول فبراير ٢٠٢٣م