الصحفي البارز "ماجد الداعري" ينعي رفيق دربه "صالح الحميدي"
لم أفق بعد من هول صدمتي ومرارة غصتي بنبأ رحيلك الفاجع، رغم ادراكنا جيدا لخطورة الحالة الصحية التي عانيتها مبتسما بصبر الأنبياء وكابدت أوجاعها راضيا بقدر الله وقضائه حتى آخر نفس بل وأصريت على كسر كل موانع وتحذيرات الاطباء، لكي تتحدث وتسمع من تعزهم وكأنك أيقنت أنك لن تراهم او تسمعهم بعدها أبو خلدون وفعلتها رغم كل الآمك أيها الأخ الصديق الصدوق والملهم الاستثنائي بين الجميع، رحمة الله تغشاك واسكنك الفردوس الأعلى من الجنة.
لا أخفيك ياصديقي أنني مازلت، حتى الساعة، أحاول تكذيب نفسي وكل من يزعمون برحيلك عنا واستحاله لقائي فيك بعد اليوم وأنت الذي وعدتني قبل أيام بصوت مثخن بالألم وشحرجة الامنيات بأننا سنلتقي قريبا في عدن بإذن الله تعالى ونأكل الصيد معا في صيرة، كما كنت تفعل عند وجودك في هذا المدينة المكلومة هي الأخرى بفاجعة تغييبك من الحياة بعد سنوات طويلة من التعايش مع الألم والأمل معا.
صديقي الراحل العزيز.. أقسم انني ما قد سبق أن وجدت نفسي بهذا الحال من العجز عن الكتابة وبلادة الوصف والتعبير عما أكابده من وجع مستبد حتى بكلماتي وحروفي التي أشعر بخواء معانيها وعدم أهليتها مطلقا في حضرة أي عزاء او رثاء يليق بحجم مقامك السامي في قلوبنا جميعا
وليتك تعرف - أيها الراحل العزيز في قلوب المحبين ودروب الخالدين معا - حجم الألم الذي يعصرنا جميعا بعدك ومستوى الفجيعة التي تفتك بقلوبنا وعقولنا معا وهما يخوضان صراعا محتدما حول حقيقة رحيلك المبكر في وقت مازلنا جميعا نشعر فيه اننا بأمس الحاجة إليك وأن كل الكائنات عاجزة عن شغر حاجة إليك لا يمكن لأي مخلوق سواك ان يسدها أو يحل محلها في افئدة اهلك وكل محبيك.
وليتك تعلم أبو خلدون.. كم حاولت التهرب مرارا وتكرارا منذ الصباح من تصفح الفيس وتويتر وكل المواقع وشبكات التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى مجالس عزاء ومآتم تنعيك وتتذكر بجميل أثرك وحبك المزروع في قلوب الجميع، كما كنت تفخر بذلك وتعده رأس مالك ومؤشر خير بحب الله لك ورضاه عنك وإيمانك واحتسابك بكل ماكتبه لك دون اعتراض اوخوف من قرب لقائه سبحانه وتعالى.
فوداعا.. وداعا أيها النبيل الذي يصعب وداعه ويستحيل إيفائه بحقه أو رثائه بما يليق بنبل مقامه وطيبة انسانيته وشمائل أخلاقه وكرم نفسيته وأصالة مواقفه مع كل من احتاجه او استعان به يوما، رحمة ربي تنزل عليك بردا ونورا وسلاما.
وداعا يا من يعجز حتى الرحيل على وداعك المفاجئ، دون أن يدعك حتى لتكتب ولو بعض ما كنت تود أن توصي به تؤما روحك جمال حيدرة وعبدالعالم الحميدي الغير محتاجين أصلا لمن يحثهم على حسن رعاية أولادك بعدك
فنم قرير العين مستريح البال - أيها الحميدي المترجل بعيدا عنا - طالما وقد خلفت بعدك خير ولدا بار يمكنك الاعتماد عليه والثقة برجولته وحسن رعايته لاخوانه ذوالنون وريم وريام وطاعته لأمه وخالته وتعويض جدته بخير خلف لخير وأنبل سلف، فعظم الله أجرهم جميعا فيك وكان الله في عونهم على تجاوز أهوال رحيلك وتقبل الحياة بعدك.. وانا لله وانا اليه راجعون. وحسبنا الله ونعم الوكيل.