100 يوم على تشكيله.. هل لبى المجلس الرئاسي طموحات اليمنيين؟

منبر عدن - متابعات

مرت 100 يوم على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، فيما تثار تساؤلات عدة بشأن ما قدمه هذا المجلس خلال تلك الفترة، وهل لبى طموحات اليمنيين.

ففي صبيحة السابع من نيسان/ أبريل الماضي، ظهر الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي ليعلن عن تأسيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، بقيادة 8 أشخاص، رئيس و7 أعضاء.

وضم المجلس ممثلين عن أبرز القوى والمكونات السياسية، خول لهم إدارة شؤون البلاد، في محاولة لتوحيد كافة الصفوف المناوئة للحوثي تحت مظلة واحدة.

ومنذ تشكيل المجلس الرئاسي اليمني، وبعد أدائه اليمين الدستورية أمام أعضاء البرلمان اليمني، في 19 نيسان/أبريل، أطلق رئيس المجلس وأعضاؤه، العديد من الوعود لتحسين الوضع المعيشي في المحافظات المحررة وعلى رأسها العاصمة المؤقتة عدن.

 

جهود تبذل

يرى نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح، إن ”أداء مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال 100 يوم على إعلان تشكيله جيد“، لافتا إلى أن هناك ”جهودا تبذل“.

واستدرك صالح، في تصريح خاص لـ“إرم نيوز“: ”لكن علينا إدراك أن المجلس جاء على أنقاض تركة  ثقيلة من الفساد والفشل، التي عطلت العملية السياسية، والحركة الاقتصادية، خلال السنوات الثماني الماضية“.

وأضاف: ”لا نستطيع أن نقول إن المجلس حقق شيئا يلمسه الناس، وما زالت المعاناة تطحن الجميع، لكن، هناك توجه حقيقي نحو  إصلاح حقيقي، وإن كان يسير بشكل بطيء جدا“.

وفي ما يتعلق بالمعارك القتالية مع الحوثيين، قال منصور صالح: ”في هذا الجانب، للأسف يبدو  الفشل مستمرا، ولم نلمس تحركاً حقيقيا في اتجاه توحيد الجهود، لخوض المعركة ضد الميليشيات“.

وتابع: ”كنا  نراهن  على اتخاذ قرارات مهمة في مفاصل المؤسسة العسكرية، واستبعاد عناصر الفشل، لكن ذلك لم يحدث بعد“.

وواصل المسؤول في المجلس الانتقالي الجنوبي حديثه، قائلا: ”كما كنا نعتقد بتوافر  النية لقتال الميليشيات الحوثية، والدفع بكل القوات لقتالها، ومنها القوات المرابطة في وادي حضرموت، لكننا للأسف لمسنا أن هناك الدولة العميقة، من ما زال يفكر بالعقلية السابقة، التي تقدم هدف السيطرة على منابع الثروات، والمنافذ، لتحقيق مكاسب شخصية، على هدف تحرير  الشمال من الميليشيات“.

وبحسب صالح، فإنه: ”لم يحدث تغيير حقيقي في هذا التفكير العقيم، فذلك دون شك، يصب في مصلحة الميليشيات الحوثية وتمكينها“.

وعن الوعود التي أطلقها المجلس الرئاسي اليمني، بتحسين الأوضاع المعيشية والخدماتية، يعتقد صالح أن تلك ”الوعود  كانت تعبيرا عن النوايا الصادقة، والرغبة الحقيقية، لفعل ما يخدم المواطن، وهناك سعي جاد“، مؤكدا: ”لكنه يصطدم  بكثير  من الصعوبات، ومنها التركة  المعقدة، وضعف مؤسسات الدولة، وعبث قوى الفساد، التي ما زالت موجودة ومؤثرة“.

واختتم منصور صالح حديثه: ”إضافة لرموز  الدولة العميقة، كل ذلك تسبب، وسيتسبب بالكثير من الإخفاق، إن لم تكن هناك قرارات حازمة وصارمة، تؤكد  الرغبة في التغيير، وخدمة المواطن“.

 

عجز المجلس

وقال الباحث السياسي والأكاديمي حسين لقور بن عيدان: ”لا شك أن مرور مئة يوم على انتخاب رئيس أو حكومة في أي بلد، يتم عنده تقييم إنجازات هذا الرئيس أو تلك الحكومة“.

وأضاف بن عيدان في حديث خاص لـ“إرم نيوز“: ”تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، في السابع من شهر أبريل، ومرور مئة يوم عليه يتطلب تقييما موضوعيا للأهداف التي رسمت له وما تحقق منها“.

وذكر أن ”أهم هدفين وضعا للمجلس هما، تحسين الوضع الاقتصادي وإصلاح الخدمات وتوفيرها للناس، والآخر هو كيفية مواجهة الانقلاب الحوثي، سلما أو حربا“.

وتابع: ”وعلى ضوء هذين الهدفين يمكننا القول حتى اليوم، أننا لم نر أي تباشير، تدل على أن المجلس الرئاسي، وضع أي خطط أو استراتيجية، تقود إلى إنجاز أي منهما“.

وأردف الأكاديمي الجنوبي، قائلا: ”الحقيقة أنه لا توجد أي أسباب واضحة، تحول دون البدء بالعمل على تحقيقها، إلا أمرا واحدا، وهو عجز المجلس التام، الناتج عن المشاريع السياسية، التي يحملها أعضاء لدرجة التناقض، وهذا هو جوهر المشكلة“.

واستطرد بن عيدان حديثه: ”مَن وضع الأهداف للمجلس، ومَن أتى به، يعلم أو لا يعلم أن المشكلة تكمن في مكان آخر، ألا وهي أن الحرب في الإقليم اليماني، تحمل في باطنها صراعات لها أسبابها، الصراع الإقليمي، الذي لا يخفى على أحد، والصراع الجنوبي اليمني، ثم الصراع اليمني اليمني الذي هو أقلها حدة، وإذا لم توضع حلول لهذه الصراعات، كل على حدة، فلن يخرج اليمن والجنوب من دائرة الفشل والعنف“.

 

إدارة ملف الهدنة

من جانبه، قال رئيس مركز أبعاد للدراسات السياسية والاستراتيجية عبدالسلام محمد، إنه ”مع مرور 100 يوم على مجلس الرئاسة، باعتقادي أهم نجاح حققه هو البقاء متماسكا، لأن هذه التشكيلة هي من كل الاتجاهات السياسية، وجاءت وفق توافقات غير مشروطة بين كل الأطراف السياسية“.

وأضاف محمد: ”وهناك أهداف لكل طرف، بعضها أهداف وطنية، وبعضها أهداف مناطقية، وبعضها أهداف حزبية، لكن بقاءه موحدا هو نجاح جيد وممتاز، يمكن البناء عليه في البدء بتحقيق أحلام وطموحات المواطنين“.

وأشار خلال حديثه لـ“إرم نيوز“، إلى أن ”بقاء الدولة في الداخل، رغم خروجها لزيارات لفترة لا بأس بها، لكن بقاءها في الداخل من الرئاسة إلى رئاسة الحكومة إلى مؤسسات الدولة، هو أيضا نجاح“.

ولفت إلى ”الزيارات العديدة، التي أجراها أعضاء مجلس الرئاسة ووزارة الدفاع، إلى مواقع ومواطن الأطراف والمكونات السياسية الأخرى، التي ما كانت لتتم إلا بفضل توحد الجميع في مجلس القيادة الرئاسي، معتبرا إياها بالأمر الإيجابي“.

ويرى محمد أن ”الزيارات المتعددة التي قام بها مجلس القيادة، إلى الخارج، أثبتت اهتماما إقليميا باليمن، وعملت على استعادة للعلاقات اليمنية، على وجه الخصوص مع دول الخليج ومصر، وهذه الاستعادة يمكن البناء عليها، في تنفيذ كثير من الاتفاقيات السابقة، وأيضا البحث عن اتفاقيات جديدة، والبحث عن دعم اقتصادي في هذه الفترة“.

وحول الهدنة، قال عبد السلام محمد: ”تمكن مجلس الرئاسة من إدارة ملف الهدنة بنجاح، واستطاع أن يوصل الكلمة للمجتمع الدولي، وحقق بعض النجاحات من ضمنها إثبات أن الشرعية تريد السلام، ولا تريد الحرب، والالتزام اليمني بمبادرات السلام الدولية“.

وبخصوص الملف الاقتصادي والأمني وكيفية إدارتهما من قبل المجلس الرئاسي، أشار إلى أن ”محاولة معالجات الإشكالات الأمنية، والإشكالات الاقتصادية، تعتبر جانبا من جوانب النجاح، وإن كان بشكل ضعيف“.

وألمح إلى أن ”هناك إخفاقات في الملفين الاقتصادي والأمني، إذ كان يفترض أن تكون الرئاسة، انتهت من توحيد القوات الأمنية، كما خطت في تشكيل هيئة مكافحة الفساد، وإعلان الموازنة المالية، وفي الحصول على دعم اقتصادي كاف، لاستعادة هيبة العملة اليمنية، وأيضا معالجة بعض الاختلالات الاقتصادية، لكن هذا لم يحصل كاملا، وإن كان قد حصل بشكل جزئي“.

وأكد أن ”مجلس الرئاسة يسير على طريق صحيح، لكنه بطيء جدا، وأعتقد أنه إذا لم يستعجل، خاصة في الجانب العسكري، في استعادة قوات الجيش وهيبته، ضد الميليشيات، أنا باعتقادي أن هذا الأمر قد يتسبب بتضرر سمعة المجلس“.

وأضاف: ”إذا استمر الوضع هكذا دون حصول توازنات على الأرض، خاصة أن الميليشيات طورت من سلاحها، وفتحت المعسكرات، وجندت وحصلت على أسلحة جيدة نوعية، بينما نحن نرى الجيش كما هو في وضع  غير متكافئ، وإن كان في وضع استعداد لكنه لا جديد نراه في عمليات الحشد والتجنيد والتسليح“.

وأردف: ”أعتقد أن المجلس الرئاسي أعطى قليلا من التفاؤل وقليلا من الثقة لليمنيين باتجاه الوضع، لكن ما زال الناس قلقين ويحتاجون الكثير من إبداء الطمأنة من قبل المجلس الرئاسي، لا سيما في ما يتعلق بالجانب الميداني، والجانب المعيشي والاقتصادي والخدمات، وبالذات الصحة والتعليم والمياه والكهرباء“.

 

انعدام الاستراتيجية

ويرى رئيس مركز أبعاد أن ”عدم إيفاء الرئيس والمجلس الرئاسي بوعودهم، التي أطلقوها على أنفسهم، هو عائد إلى كثير من العراقيل، وأعتقد أنه  إلى حد الآن نستطيع أن نقول إنه لا توجد استراتيجية واضحة للمجلس الرئاسي، وانعدام الاستراتيجية أربك الأولويات والإنجازات، ما أظهر المجلس الرئاسي وكأنه لم ينجز شيئا“.

وتابع: ”الحقيقة أنه أنجز بعض الأمور، لكن في إطار انعدام الاستراتيجية، وانعدام وجود خطة واضحة لليمنيين ومزمنة، يبقى الأمر ناقصا ويظهر أنه غير منجز“.

ونوه عبدالسلام محمد إلى أنه ”من المفترض أن يتعامل المجلس الرئاسي مع الحالة اليمنية، كحالة عسكرية، في حالة حرب، وليس في حالة سلام، كما هو الحاصل، وهذا الخطأ الاستراتيجي“.

وذكر: ”لأن الحالة إذا كنا في حالة سلام تكون أولوياتنا اقتصادية، بينما الحقيقة أولوياتنا أمنية عسكرية، ثم اقتصادية، والخدمات المعيشية تعتبر جزءا من حالة الحرب، يفترض بها خاصة الخدمات الأساسية التي هي التعليم والصحة والكهرباء، وتوفير الطاقة مثل النفط والغاز وغيرهما“.

* أشرف خليفة - إرم نيوز