صحف عالمية: عام من "الكرب" في أفغانستان.. و"مستقبل غامض" لخيرسون الأوكرانية
سلطت صحف عالمية صادرة اليوم الثلاثاء، الضوء على العام الأول من حكم حركة طالبان في أفغانستان، وسط تقارير تتحدث عن أن البلاد لا تزال تعيش حالة من ”الكرب“ التي تسببت فيها ”السياسات المتطرفة“ للحركة، إلى جانب العقوبات الغربية التي لا تزال تعرض حياة 40 مليون أفغاني للخطر.
وفي أوكرانيا، تناولت الصحف آخر التطورات الميدانية للحرب الروسية على جارتها، وسط تقارير تتحدث عن ”مستقبل غامض“ لمدينة خيرسون الجنوبية قبيل استفتاء مزعوم يخطط له الكرملين بشأن ضم المنطقة إلى الأراضي الروسية.
يأتي ذلك في وقت تعتزم فيه أوكرانيا شن هجوم مضاد لاستعادة المدينة
أفغانستان.. وعام ”الكرب“
قال موقع ”أكسيوس“ الإخباري الأمريكي، إنه ”بعد عام واحد من الانسحاب الأمريكي واستعادة طالبان السيطرة على الحكم، لا تزال أفغانستان تعيش حالة من الكرب، حيث تحمل الشعب وطأة الاقتصاد المنهار، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وتدهور حالة حقوق الإنسان“.
وذكر الموقع أنه ”في العام الذي أعقب الانسحاب الأمريكي، ساءت حياة أكثر من 40 مليون أفغاني في البلاد من نواح كثيرة؛ ما دفع بعض المحللين الغربيين إلى القول: اختفت أفغانستان التي عرفناها ولن تعود مطلقا“.
وتحت عنوان ”الاقتصاد في خطر“، نوه الموقع الأمريكي، إلى أن اقتصاد أفغانستان ”انهار بشكل خطير خلال العام الماضي، حيث انخفضت ميزانية الحكومة الأفغانية لعام 2022 أكثر من 60% عن مستواها لعام 2020″، موضحا أنه قبل العام الماضي، كانت البلاد تعتمد على المساعدات الخارجية في 75% من الإنفاق العام.
ورأى الموقع الإخباري أن قرار الولايات المتحدة تجميد مليارات الدولارات من الاحتياطيات الأجنبية العائدة للبنك المركزي الأفغاني -كجزء من حزمة العقوبات ضد ”طالبان“- ترك البنك غير قادر على القيام بالعديد من وظائفه الأساسية.
وتابع ”وعلاوة على ذلك، دفعت العقوبات المفروضة على طالبان العديد من البنوك والمؤسسات المالية الأخرى خارج البلاد إلى تقييد أو منع معالجة معظم المعاملات المتعلقة بالحسابات المصرفية الأفغانية“.
وفيما يتعلق بـ“أزمة إنسانية كارثية“، ذكر الموقع أن الاقتصاد المزري والجفاف الشديد وعوامل خطيرة أخرى، قد تركت نحو 24 مليون أفغاني -أكثر من نصف سكان البلاد- في حاجة إلى مساعدات إنسانية، حيث يواجه معظمهم انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويواجه عشرات الآلاف مستويات ”كارثية“ من الجوع.
وأضاف ”من المتوقع أن يعاني أكثر من مليون طفل أفغاني على الأقل من أشد أشكال سوء التغذية هذا العام. وتقول جماعات الإغاثة إن التحدي الأكبر الذي واجهته خلال العام الماضي لم يكن المخاوف الأمنية، لكن النقص في التمويل ضاعف من حقيقة أن الكثير من اهتمام العالم تحول إلى أوكرانيا بعد الغزو الروسي“.
وعن أزمة ”حقوق الإنسان“، قال ”أكسيوس“ إنه بعد مرور عام، ظلت وعود ”طالبان“ غير محققة إلى حد كبير، حيث لا تزال المدارس –على سبيل المثال – مغلقة في وجه معظم الفتيات والشابات بعد الصف السادس“.
وأشار الموقع إلى أن أسباب الحظر في أفغانستان تكمن في سياسة الحركة المتطرفة في كل نواحي الحياة.
واعتبر الموقع أن السياسات هذه تضر بأفغانستان وسمعتها في الخارج بشكل عام.
وأضاف ”كما تواجه النساء العديد من القيود التي تذكرنا بقمع الحريات خلال فترة حكم طالبان في التسعينيات.. في الوقت نفسه، قام مسؤولو طالبان بقمع وسائل الإعلام، ووثقت جماعات حقوق الإنسان الاعتقالات التعسفية والإعدام بإجراءات موجزة للمعارضين“.
مخاوف أمريكية
وكشفت مجلة ”فورين بوليسي“ الأمريكية عن مخاوف أعرب عنها الكونغرس في تقرير أعده بعد ما يقرب من عام على الانسحاب العسكري الأمريكي الفوضوي من أفغانستان، وسيطرة حركة طالبان المتشددة على مقاليد الحكم.
ونقلت المجلة عن تقرير جديد للكونغرس الأمريكي قوله إنه بعد انهيار الحكومة الأفغانية، أجبر الآلاف من الأفراد العسكريين الأفغان -بما في ذلك عدد من نخبة ”الكوماندوز“ الذين دربتهم الولايات المتحدة- على الفرار إلى إيران.
وسلط التقرير الضوء على مخاوف من قبل مشرعي الكونغرس تتعلق بأن ”هؤلاء العسكريين من المحتمل أن يسلموا أسرارا تخضع لحراسة مشددة عن المشغلين الخاصين الأمريكيين، إلى أيدي أكبر منافس في الشرق الأوسط، في إشارة إلى إيران.
ووفقًا للتقرير، حذر نائب أمريكي من أنه بإمكان أفراد ”الكوماندوز“ إفشاء تدريبات عسكرية أمريكية ومعلومات استخباراتية حساسة لطهران.
وقالت المجلة إن محنة ”الكوماندوز“ الذين أُجبروا على الفرار إلى إيران هي واحدة من العديد من الاكتشافات التي تم الكشف عنها في تحقيق تم إجراؤه في الكونغرس من قبل مشرع جمهوري كبير في الأيام الأخيرة من الحرب في أفغانستان والانسحاب الأمريكي الفوضوي من العاصمة كابول
وأضافت المجلة أن ”التقرير أعده النائب مايكل ماكول، أكبر الجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، وصور فيه فشل وزارة الخارجية الأمريكية التي لم تكن مستعدة للانهيار السريع للحكومة الأفغانية في أغسطس 2021، بالإضافة إلى فشلها أيضا في المساعدة بإدارة إخلاء جوي بسبب الفوضى التي أعقبت الانسحاب“.
وتابعت المجلة ”وفقا لتقرير ماكول الجديد المكون من 120 صفحة، والذي سيصدر اليوم الثلاثاء، تم إجبار ما يقدر بنحو 3 آلاف من قوات الأمن الأفغانية، بما في ذلك عدد من كبار الضباط والمشغلين الأفغان المدربين من الولايات المتحدة، على الفرار إلى إيران“.
وأردفت بالقول ”لكن التقرير خلص إلى أنه في الجهود الأمريكية الجارية لإجلاء الأفغان الذين ساعدوا الحكومة الأمريكية بأمان، لم يتم حتى الآن منح أي وضع أولوية خاصة لأي فرد عسكري أفغاني سابق على الرغم من المخاطر الأمنية التي أبرزتها وزارة الخارجية التابعة لإدارة الرئيس جو بايدن“.
ووفقًا للمجلة، أكد مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون مضمون تقرير ماكول ووافقوا على استنتاجاته أيضا، وحذروا من أنه ”من المحتمل أن ينقل المشغلون الأفغان الخاصون الذين فروا إلى إيران معرفتهم المؤسسية بالمعلومات العسكرية الأمريكية الحساسة إلى النظام الإيراني طواعية أو بالإكراه“.
وفي هذا الشأن، قال مير حيدر أفضالي، الرئيس السابق للجنة الدفاع في البرلمان الأفغاني، للمجلة، إن إيران ”منحت الكوماندوز الأفغان تأشيرات لمدة سبعة أشهر للبقاء، مقابل إثبات للسلطات الإيرانية أنهم اعتادوا الخدمة في الجيش الأفغاني“، متوقعا أن تجدد طهران هذه التصاريح إلى أجل غير مسمى.
وخلص تحقيق الكونغرس، وفقا للمجلة، إلى أن ”القوات العسكرية الأفغانية وقوات الكوماندوز التي فرت إلى إيران أُجبرت على القيام بذلك بعد أن تخلت عنها الولايات المتحدة فعليا“.
وأشار إلى أن إدارة بايدن ”لم تتخذ قرارا بعد بشأن ما إذا كانت ستطلق حملة جديدة لمحاولة إجلاء تلك القوات من إيران“.
خيرسون الأوكرانية.. و“مستقبل غامض“
وفي هذا الصدد، سلطت صحيفة ”الغارديان“ البريطانية الضوء على ما وصفته بـ“مستقبل غامض“ ينتظر مدينة خيرسون المحتلة جنوب أوكرانيا، وذلك قبيل استفتاء مزعوم للكرملين بهدف ضم المدينة رسميا إلى الأراضي الروسية، والتي سقطت في أيدي الروس في الأيام الأولى من الغزو.
وقالت الصحيفة إنه ”منذ الأيام الأولى من مارس الماضي، تنتشر اللوحات الإعلانية في جميع أنحاء المدينة للترويج للتاريخ الروسي (السوفيتي)، واقتباسات من الرئيس فلاديمير بوتين، بالإضافة إلى انتشار الأعلام الروسية“.
وذكرت الصحيفة أنه ”خلال الأشهر الخمسة الماضية، عينت موسكو إدارة موالية لها في منطقة خيرسون، وأمرت المدارس بتدريس المناهج الروسية، بالإضافة إلى أنه يتم تشجيع السكان المحليين على التقدم للحصول على جوازات سفر روسية للحصول على المعاشات التقاعدية والمزايا الأخرى“.
وأضافت الصحيفة أن ”المرحلة التالية من خطة الكرملين هي إجراء استفتاء الشهر المقبل بشأن ضم خيرسون بشكل رسمي إلى روسيا –على غرار شبه جزيرة القرم عام 2014- لإضفاء الشرعية على المدينة بشأن الدفاع عنها تحت مسمى ”الأراضي الروسية“ كجزء من كتاب قواعد اللعبة الروسية.
وقالت الصحيفة في تحليل لها ”في سلسلة من المقابلات الهاتفية، أعرب سكان خيرسون عن حماسة ضئيلة لإجراء استفتاء، ووصفوا الأجواء العصيبة التي لا يمكن التنبؤ بها في المدينة“.
وأضافت الصحيفة ”لا يزال السكان غير متأكدين مما قد تجلبه الأشهر القليلة المقبلة.. هجوم أوكراني مضاد سريع لاستعادة السيطرة، أو معركة مطولة تحول المدينة إلى ركام، أو قيام روسيا باستفتائها الزائف وضم المدينة“.
وأشارت الصحيفة إلى أن موسكو ”استخدمت الترهيب لسحق المعارضة العامة لخططها، حيث تلاشت سلسلة من المسيرات المؤيدة لأوكرانيا التي جرت في مارس وأبريل بعد أن أطلق الجنود الروس قنابل صوتية على الحشود، وبدأوا في اعتقال المنظمين في منازلهم“.
وتابعت ”في أواخر مايو، تم تغيير مسار الإنترنت في المدينة من خلال الخوادم الروسية، وتم إما إغلاق جميع وسائل الإعلام المحلية وإما ملؤها بمحتوى مؤيد لروسيا“.
واستطردت بالقول ”بحسب ما ورد، يعتزم الكرملين إجراء الاستفتاء في الـ11 من سبتمبر، وأن بطاقات الاقتراع تجري طباعتها بالفعل. ودعت الإدارة الروسية في خيرسون الناس لتقديم ترشحهم كمسؤولين انتخابيين“.
في سياق متصل، ذكرت صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية أن ”الجبهة الرئيسة في الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا قد تحولت بشكل خطير إلى جنوب البلاد، في خطوة تخاطر بحدوث كارثة في أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا“.
وقالت الصحيفة إنه ”مع احتدام القتال حول محطة زابوريجيا النووية ومدينة خيرسون التي تحتلها روسيا، فإن الجنوب هو الجهة التي تركز فيها كل من روسيا وأوكرانيا قوتهما النارية، مع آمال بتجنب الجمود الذي يمكن أن يستمر لسنوات“.
وأضافت الصحيفة أن ”القوات الروسية استخدمت، الأحد، الأراضي المحيطة بمحطة الطاقة النووية كقاعدة انطلاق لشن هجمات على مواقع أوكرانية، حيث قال مسؤولون محليون إنها أطلقت وابلا من نيران مدافع الهاوتزر على بلدة نيكوبول القريبة التي تسيطر عليها أوكرانيا“.
وتابعت الصحيفة في تقريرها ”في الوقت نفسه، تواجه القوات الروسية في خيرسون تطويقا من قبل الجيش الأوكراني. أدى الموقف غير المستقر للقوات الروسية، التي انقطعت إلى حد كبير عن مصدر إمداداتها الرئيس بعد أن دمرت أوكرانيا آخر الجسور الأربعة عبر نهر دنيبرو، إلى تكهنات متضاربة بشأن مصيرها“.
وأردفت ”من الواضح أن القوات الروسية في خيرسون تواجه صعوبات الآن بعد أن تعرضت خطوط إمدادها للخطر، وجعل الهجوم الأوكراني المضاد المزعوم على المدينة الجنوبية موسكو حريصة بشكل خاص على التمسك بمحطة زابوريجيا النووية، أعلى نهر دنيبرو إلى الشمال الشرقي“.

