يافع.. ثورة الطرقات .. والعطاء بسخاء

منبر عدن

في الوثيقة المنشورة والمؤرخة في 29مارس1983م تتبين اسهامات المغتربين والتجار والمهنيين في يافع في شق الطرقات، بل أن هذه الاسهامات تعود إلى وقت مبكر، منذ ما بعد الاستقلال الوطني مباشرة..
وفي هذه الوثيقة كشف بالتبرعات الإلزامية والمقررة مركزياً لصالح مشروع طريق حي 22يونيو، المحافظة الثالثة، المديرية الغربية، المركز الأول..
لا شك أن جيل اليوم من الشباب اليوم لن يفهم شيئاً في هذه المسميات الرمزية التي يصعب عليهم فك رموزها، لأن الدولة ألقت حينها المسميات الحقيقية للمناطق، ليس فقط في يافع بل على مستوى المحافظات والمديريات والمراكز وحتى الأحياء السكنية كاملاً وحلَّت محلها الأسماء الرمزية.. فالمحافظات كان يُطلق عليها مسميات تراتبية(الأولى والثانية والثالثة..الخ).. والمديريات حسب مواقع جهاتها من عاصمة المحافظة: شرقية أو غربية أو جنوبية أو شمالية أو وسطى، والمراكز حسب ترتيبها: الأول فالثاني ..الخ. والأحياء والقرى بأسماء رمزية نسبة إلى الأحداث أو الشهداء..الخ، والمثال أمامنا هنا (حي 22يونيو). 
وللتوضيح نقول أن المقصود بحي 22يونيو في الوثيقة هو منطقة وادي حطيب، والمركز الأول (لبعوس)، والمديرية الغربية (يافع- وكانت حينها مديرية واحدة من رُصد إلى الحد )، والمحافظة الثالثة(أبين حالياً)..
 الملاحظ أن شق الطرقات وإنجاز الكثير من المشاريع التي شهدتها يافع بعد الاستقلال الوطني  كالمدارس وغيرها من المشاريع في منطقة يافع قد تم بمساهمة كبيرة من قبل المواطنين، وبشكل خاص التجار والمغتربين والمهنيين..
وما تزال هذه المساهمة أكثر جدوى بل وأكثر عطاءً حتى اليوم، وهو ما يتجسد بوضوح فيما تُسمى  بـ(ثورة الطرقات) التي تشهدها يافع اليوم في كثير من أرجائها ونواحيها ذات السلاسل الجبلية، وهي مساهمات تفوق مساهمة الدولة الغائبة التي لم يلمس خيرها المواطن بعد، باستثناء الطريق الوحيد عبر نقيل الخلاء. 
ويلمس المتابع الفرق الواضح بين مساهمة الأمس ومساهمة اليوم..فبالأمس كان يتم فرضها مركزياً مع تقدير المبالغ من قبل السلطة المحلية وبسندات رسمية تذهب لصالح تلك المشاريع،  أما اليوم فتتم طوعياً وبسخاء أكثر، ربما لغياب مساهمة الدولة خلال السنوات الأخيرة بالمطلق..
ولعل الأمثلة كثيرة في الطرقات التي تم شقها أو تعبيدها، وأولها طريق نقيل الخلاء-جبل اليزيدي، التي كانت فاتحة (ثورة الطرقات)، ثم تنافس الأهالي والمغتربون ورجال الخير في مواصلة هذا العمل الخيري في أكثر من طريق، أثمرت بمواصلة توسيع وتعبيد وربط طريق اليزيدي- جبل لمطور وكذا الوطح-وادي حمومة، والجميل أن تم مؤخراً إنارة طريق نقيل حمومة بالطاقة الشمسية وهذا عمل يستحق التقدير، وما تزال الأعمال جارية في إيصال الطرق إلى مناطق أخرى وصولاً إلى رُصُد، وتظل طريق باتيس-رصد التي اُعتمدت بتمويل قطري وتوقفت الأعمال فيها بسبب الحرب الأخيرة، تظل أهم المشاريع الحيوية التي ستربط يافع بأبين، كحلم مشروع طال انتظار تحقيقه بفارغ الصبر.
وهناك طُرقات مهمة أخرى يجري العمل لإنجازها حالياً بتمويل من الأهالي مثل طريق معربان- السعدي، وطريق الحد-العرقة وطريق بير العروس-وادي بن جعفر –المفلحي، وطريق يهر-ضيك-المفلحي-لبعوس، وهذه الطريق شهدت تطوراً تمثل بابتكار مسابقة شعرية خيرية فاق إيرادها المليار ريال لصالح انجاز ذلك المشروع الحيوي الذي جاء التفكير به بغية التخفيف من الضغط الذي نتج عن مرور القاطرات في طريق نقيل الخلاء وما تسببه من تعطيل لحركة المرور حينما تتعرض قاطرة للخلل أو تنقلب بحمولتها في منحنيات النقيل.
أما المساهمة الأهم فهي التجاوب الكبير الذي حظيت به المسابقة الشعرية لصالح مشروع طريق الشهيد أبي اليمامة، والتي فاقت إيراداتها ستة مليار ريال، وهو رقم يعكس مكانة الشهيد القائد في قلوب محبيه ليس فقط من يافع وإنما من مناطق أخرى أسهمت في إنجاح هذه المسابقة مثل ردفان والضالع..
وقد كانت هذه الطريق أولوية بالنسبة للشهيد أبى اليمامة في حياته وهي تربط العسكرية بمسقط رأسه وتوصل إلى بقية مناطق يافع المجاورة عبر المفلحي-الموسطة- لبعوس الحد، وستخفف مع بقية الطرق الأخرى من معاناة الازدحام الذي تشهده طريق (نقيل الخلا)، ويبدو أن حلم الشهيد سيتحقق قريباً إن شاء الله..فنعنم الوفاء لأرض الشهداء الأبطال:أبو اليمامة، طماح، بن شجاع، بن نصور، وقائمة طويلة من الشهداء تغمدهم الله بواسع رحمته ورضوانه. 
وأختتم بالأبيات التي قلتها عند بدء المسابقة الشعرية الخيرية لمشروع طريق (أبواليمامة) في فبراير الماضي بعنوان (شدوا الهمم):

شدوا الهمم من أجل مشروع الخير
أبو اليمامة قد وضع له ساسه
على خُطى القائد نواصل السير
روحه تناجينا بشدّة بأسه
إن نَكْمِلَ المشوار دون تأخير 
طَريق نوصِلْهَا لمسقط رأسه 
وكل من أسهم ينال التقدير
من أهلنا أهل الكرم وناسه

مقالات الكاتب