لا تتركوا زوايا الظل ونقاط الغموض مجالا للتأويل
ليس جديداً ولا مستغرباً في عالم السياسة اليوم أن تكون هناك الكثير من نقاط الغموض وزوايا الظل التي عادة ما تصاحب أي قرارات أو مواقف سياسية مفاجئة لم يكن ينتظرها أو يتوقعها الناس؛ ومن هذا المنطلق وبعيدا عن الاسترسال بالحديث عن عالم السياسة وخباياها وأسرارها التي لا تُعرف كل تفاصيلها في حينه؛ أو لا يتم الإعلان عن كل ما يتم التوافق عليه بين تلك الأطراف؛ أكانت على هيئة دول أم هيئات ومنظمات سياسية أو غيرها.
لهذا ولغيره من الأسباب والعوامل فإن المسؤولية الوطنية تفرض بالضرورة على القيادات الجنوبية المعنية شرح وبلورة أهداف وأبعاد وضرورات وخلفيات الموقف الجنوبي الذي كان دافعا وملبيا لما قد تم وأعلن عنه في الرياض والموافقة عليه والقبول به والانخراط فيه؛ منعا لسوء الفهم عند الناس ولقطع الطريق أمام من يحاولون التشويه المتعمد لكل ذلك؛ واستغلاله لإثارة الشكوك والمخاوف عند الجنوبيين على مصير ومستقبل قضيتهم الوطنية المشروعة والعادلة؛ أملا بإضعاف ثقتهم بقياداتهم المختلفة لتتمكن تلك القوى المتربصة شرا بالجنوب وأهله من خلخلة الصفوف وإحداث ما تتمناه من تذمر وتجنحات وخلافات وانشقاقات داخل الصف الوطني الجنوبي بشكل عام وداخل صفوف المجلس الانتقالي الجنوبي بدرجة رئيسية.
لذلك فإن جهداً استثنائياً؛ سياسيا وإعلاميا ووطنيا وعلى مختلف المستويات والاتجاهات قد أصبح مطلوبا اليوم وعلى جناح السرعة؛ اعتمادا على لغة المنطق وقواعد الحوار وبعيدا عن التأويل والأحكام المسبقة على أي رأي يطرح من هنا أو هناك أو موقف يسجله هذا أو ذاك من الناس تعبيرا عن قناعاتهم ورؤاهم التي يعتقدون بصحتها وصوابها.
فالإقناع والصراحة والصدق والوضوح مع الناس أمر مهم وحاسم لجهة وحدة وتماسك جبهة الجنوب الداخلية؛ ولا بد هنا من اعتماد الوسائل الأكثر فعالية وديناميكية عبر إشراك كل الفعاليات الوطنية والمجتمعية المناسبة وحشد كل الإمكانيات المتاحة لتحقيق هذه المهمة؛ وبما يحصن الجنوبيين من الوقوع في حبائل ومكائد ودسائس أعدائهم ومكرهم المشهود؛ وحتى لا يكونوا فريسة سهلة لحربهم الإعلامية والنفسية الشرسة أو لشائعاتهم الخبيثة والقذرة؛ ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف وتناغم الفعل الوطني المشترك لجميع من يهمهم أمر الجنوب ومستقبله ويحرصون على حماية مشروعه الوطني العادل الذي يتطلب وحدتهم الوطنية وعلى نحو أعمق وأشمل وأكثر من أي وقت مضى.