هل ستعود دولة الجنوب .. وما لونها !!
منذ عام 94م والناس في الجنوب يمنون أنفسهم بعودة دولة النظام والقانون التي كانت سائدة حتى ليلة 22 مايو 90م
وبعد ان قدمنا تضحيات جسيمة في نضالنا السلمي والحرب الاخيرة وقطعنا شوطا كبيرا في ادارة المحافظات الجنوبية إلا أن المؤشرات غير مبشرة بعودة ذلك الحلم كما نتخيله ..
ولنكن واقعييين فان دولة الجنوب الأولى كانت طفرة لن تتكرر لسببين مهمين ..
الأول ان تلك الدولة ورثت شعبا خام على الفطرة تحكمه قيم عربية وآداب اسلامية نقية ، كما ورثت آثار نظام إدارة بريطاني متقدم تم الاستفادة منه في بناء بعض المؤسسات العامة على قدر من الكفاءة والنزاهة ..
ويجب ان نفرق بين نظام الدولة الاداري الموروث عن بريطانيا وبين التجربة الاشتراكية الطارئة .. حيث تم حشر تلك التجربة في ظل استقطاب دولي وفي خضم بعض النجاحات التنموية التي تحققت وزادت من ثقة الناس بالحكومة في الجنوب وقبولهم الذهاب في اي اتجاه تتحرك فيه ..لذا تجد كثير من الناس يمدح دولة الجنوب الاولى وبنفس الوقت يذمها في جلسة واحدة بسبب ما ذكرته آنفا .. نظام اداري وشعب أصيل حققا انجازات على الأرض وحزب سياسي ثوري متشنج سبب خلافات كارثية داخلية وخارجية .
السبب الثاني ان هذه الظروف الموضوعية لن تتكرر لأن مياه كثيرة قد جرت تحت الجسر وقد تغيرت طباع الناس وما اصاب الاخلاق والقيم من دمار خلال السنوات الماضية يفوق الدمار الذي نراه في البنيان ..
وقد لاحظنا كيف يسعى الفساد لمنع قيام دولة مؤسسات لان مراكز القوى الفاسدة تستميت بالحفاظ على مصالحها ومن مصلحتها بقاء الوضع هلاميا كما هو ..
نفس الحال ينطبق على دول عربية تفككت وتواجه صعوبة في العودة الى وضعها السابق كالعراق وليبيا بسبب الفساد والانهيار الاخلاقي .
اذن باعتقادي المستقبل في الجنوب وفي هذه الدول للرأسمال الوطني الممثل بالقطاع الخاص النزيه الذي سيدفع بقوة لبناء مؤسسات حكومية نزيهة تثبت الامن وتحفظ الحقوق .. عندما يتيقن ان خطر الفساد يهددها ..
القطاع الخاص سيقود بناء الدولة لان لديه الخبرة والكفاءة ولأنه يستطيع تنظيف نفسه من الفساد الاداري وهكذا تم بناء الدول الغربية وسلمت لها معظم الملفات الاقتصادية سواء انتاجية او خدمية لعلمهم ان رجل الاعمال أحرص على شركته أكثر من حرص الأم على رضيعها .