حركة حماس والقضية الفلسطينية

منبر عدن - خاص

صحيح ان حركة حماس قاومت الاحتلال الإسرائيلي بكل بسالة، وضحت بخيرة قادتها ورجالها خلال مشوار مقاومتها، لكن الصحيح أيضا أنها لم تحقق حتى الآن أي شيء يذكر للقضية الفلسطنية، فلم تحرر  شبر من فلسطنين ولم تحقق أي مكسب سياسي للقضية الفلسطنية.
العبرة دائما بالنتائج وليس بالنوايا، وحماس حتى الآن أضرت، وطبعا من دون قصد، بالقضية الفلسطينية أكثر مما خدمتها.
اتت عمليات حماس الانتحارية في نهاية التسعينيات وبداية الالفين في الحافلات والاماكن العامة في وقت  تمر فيه القضية الفلسطنينية في ظرف حساس بعد اتفاق اسلو وبداية تسلم السلطة الفلسطينة لاحياء الضفة الغربية، فادت تلك العمليات التي تمت في أماكن مدنية إلى تعاطف دولي كبير مع إسرائيل بعد التعاطف الذي شهده العالم مع الانتفاضة الفلسطينية السلمية، ووفرت المبرر الكافي لاسرائيل ليس فقط في وقف تسليم المزيد من الأحياء للسلطة الفلسطنية بل وفي عزل الاحياء العربية في القدس بالجدران الخرسانية، وتقطيع اوصال الضفة الغربية الى مربعات أمنية إسرائيلية بعد ان كانت قد سلمت معظمها للسلطة الفلسطينية.
كما وفرت سيطرت حماس على غزة وطردها للسلطة الفلسطينة منها المبرر لحكومة نيتنياهو المتطرفة للتراجع عن اتفاق اسلو الذي بموجبه سلمت غزة للسلطة الفلسطينية، بذريعة ضعف الشريك الفلسطيني، فادخلت غزة منذ ذلك الوقت في حصار خانق بعد ان كانت لها معابر وميناء ومطار مستقل.
وأخيرا اتت عملية هجوم ٧ اكتوبر فعلى الرغم من بطوليتها وشجاعتها الا انها كانت عملا متهورا وغير محسوب النتائج، دفعت غزة ومعها حماس ثمنا قاسيا له من دون أن يحقيق اي مكسب عسكري او سياسي، بل على العكس من ذلك جعل معظم العالم يتعاطف مع إسرائيل ووفر لها الغطاء السياسي والقانوني لسحق غزة وضرب ما يسمى بمحور المقاومة كله، وبفعل ٧ أكتوبر أصبحت موازين القوى في المنطقة تميل أكثر لمصلحة إسرائيل.
ستعمل حماس  كما هو حال حزب الله في لبنان على الالتزام الصارم بوقف اطلاق النار وستعمل اسرائيل كما هو الحال في لبنان على عدم الالتزام به وعلى الاستمرار في اضعاف حماس وبكل الطرق.
والنتيجة سيخلق واقع جديد في غزة وستصبح قوة حماس العسكرية وقبضتها الحديدية التي كانت قبل ٧ أكتوبر قصة من قصص التاريخ.
المقاومة المسلحة الناجحة لها شروط داخلية وخارجية وأهمها دعم دول مجاورة، وهو أمر غير متاح حاليا لاسيما لحماس التي تعيش في خلاف مع الداخل الفلسطيني، ومع كل دول المحيط العربي، ولذلك لا سبيل أمام الفلسطينين في الظرف الراهن غير المقاومة المدنية، وانتفاضة الحجارة خير مثال، فهي العمل المقاوم الفلسطيني الوحيد الذي استطاع ان يحقق مكاسب سياسية فلسطينية وان يجبر الحكومة الاسرائيلة على الذهاب إلى اسلو.
اسرائيل دولة قوية عسكريا وهي ليست وحدها فخلفها أمريكا والغرب بشكل عام، ومن لا يتعامل مع الأمر  بواقعية ويحاول ان يستفيد مما يتيحه الواقع فخسارته ليست محل نقاش.

مقالات الكاتب