أزمة حزب الإصلاح
في ذكرى تأسيسه الخامسة والثلاثين أعلن حزب الإصلاح أنه لم يعد له أو ليس له ارتباط بجماعه الإخوان المسلمين.
لو كان هذا الإعلان صدر من الحزب في شهر يوليو سنه 1994م لكان في وقته الصحيح ولحكم الجميع أن هذا يعني مراجعة داخلية حقيقية يخاطب بها الإصلاح أعضاءه والشعب اليمني، أما في هذا التاريخ فإن هذا الإعلان يُقرأ على أنه مناورة سياسية أو تكتيك سياسي لم يخاطب به الإصلاح أعضاءه ولا الشعب اليمني، وإنما خاطب به الرباعية التي تحكم اليمن بالنيابة عن مجلس الأمن ومن ورائها المجتمع الدولي؛ لأن الحزب يدرك أن النظام الدولي المسيطر لم يعد يطيق ما يسمى بالإسلام السياسي، فهو يريد أن يبعد نفسه عن هذا التصنيف.
تجاهل أو جهل حزب الإصلاح أنه يناور مع دهاقنة السياسة العالمية، وأكبر المروضين على مستوى التاريخ، الذين يدركون جيدا أنهم قد لووا ذراع هذا الحزب وما بقي عليه غير تنفيذ الإملاءات التي تُملى عليه.
في هذه المرحلة التاريخية الصعبة والمفصلية من تاريخ اليمن المعاصر كان ينبغي على حزب الإصلاح -من وجهة نظري وأظنها وجهة نظر الكثير من المفكرين والمحللين والمراقبين السياسيين- كان ينبغي أن يكون إعلانه كما يلي:
بعد 35 سنة من تجربة حزب الإصلاح تبين له أن تأسيس حزب على أساس ديني يرفع شعار الشريعة الاسلامية والدفاع عن الإسلام في مجتمع يدين كل أفراده ومكوناته بالإسلام ويعلنون بكل صراحة أنهم منتمون إلى الإسلام ويدينون به، كانت فكرة بلا معنى، وكان ينبغي ألا تستمر فكرة الحزب الدينية هذه الفترة الطويلة، فقد كان ينبغي أن تنتهي سنة 1994م.
وبناء عليه فإن حزب الإصلاح يعلن عن حل نفسه ويوجه أعضاءه وأنصاره ومحبيه إلى ما يلي:
- من كان منهم مهتما بالشأن السياسي، فإن الواجب عليهم مع كل المخلصين من أبناء الوطن من ذوي الاهتمام السياسي، سواء من المنتمين إلى الأحزاب السياسية الأخرى الذين ندعوهم إلى ترك أحزابهم، أو من غير المنتمين، التداعي لتشكيل حزب طليعي جديد يتجاوز كل الأيديولوجيات التي تأسست عليها الأحزاب في القرن العشرين، ليعبر عن ضرورة الشعب في هذه المرحلة التاريخية الصعبة للحفاظ على مكتسباته منذ سبتمبر وأكتوبر.
- ومن كان منهم مهتما بالشأن الديني والدعوي فإن عليه أن يتداعى مع جميع الدعاة الواعين في اليمن لإيجاد نموذج دعوي معتدل يتجاوز التشدد الذي تتسم به بعض الجماعات الدينية، والخرافة التي تتسم بها جماعات دينية أخرى، ويدعو إلى التعايش السلمي بين هذه الفرق والمكونات الدينية، ويمنع التوظيف السياسي للدين لأي غرض من الأغراض سواء لأغراض دعم السلطة أو لأغراض المعارضة السياسية.
- ومن كان منهم مهتما بالعمل الاجتماعي والإغاثي فليتداعى مع كل المخلصين في هذا المجال لإقامه عمل اجتماعي وإغاثي وخيري يتجاوز الفساد والمحسوبيات التي اتسم بها العمل الإغاثي من المنظمات والمرتبطين بها الذين يدورون حول أنفسهم باسم الشعب اليمني.
- ومن كان منهم مهتما بالجانب الفكري فإن حزب الاصلاح بعد حل نفسه يعلن عن كسر الأقفال التي وُضعت على عقول مفكريه ويسمح لهم بالخروج من الصندوق الضيق إلى الأفق العالي ليقفوا على أكتاف العمالقة ويتمكنوا من رؤية المشهد الحضاري المعاصر كما هو في الواقع، ثم ينتجوا أفكارهم الإيجابية الواقعية بعيدا عن التوجيهات والإملاءات.
-ومن كان منهم مهتما بمجال النهضة في العمل التعليمي والأكاديمي والصحي والعمراني فإن حزب الاصلاح بعد حل نفسه يدعو جميع المهتمين بهذا الشأن من أبناء الشعب إلى التشمير عن ساعد الجد من أجل الوطن والشعب.
وفي الختام يتوجه الحزب بالتحية إلى الشعب اليمني، ويطلب السموحة عن أي تقصير حصل منه، وبهذا تختم قيادته التي قد بلغت الأجلين كليهما منذ فترة ليست قصيرة مسيرتها باعتزال هادئ ومريح وسلس يفتح الطريق للأجيال الصاعدة.
كتب: عارف بن عبد
