المجلس الانتقالي أمام مفترق الطرق
المجلس الانتقالي أمام مفترق الطرق
(وجهة نظر شخصية)
لم يدع خاطفو الشرعية أمام المجلس الانتقالي الجنوبي من سبيل سوى إعلان أنه في حل من اتفاق الرياض ومن كل ما يتعلق به من التزامات، بعد أن استنفد المجلس الانتقالي ومن بعده ملايين الجنوبيين كل الوسائل ولم يفِ خاطفو الشرعية بأصغر الالتزامات وأكثرها بديهية ومسؤولية وهي تسليم رواتب الموظفين والمتقاعدين، كالتزامات قانونية ودستورية لا تحتاج إلى اتفاق ووساطات من أي أطراف شقيقة أو صديقة، هذا ناهيك عن توفير الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء ووقود وخدمة طبية وتعليمية وهي أيضا من صلب واجبات الشرعية دستورياً وقانونياً وأخلاقياً، لكن هؤلاء (خاطفو الشرعية) لا يأبهون لأيٍ من هذه الاعتبارات لأنهم أصلاً لا يحتاجونها ولا يمتلكونها ولا يهمهم أن يمتلكوها.
أتفهم جيدا المنطلقات الوطنية والأخلاقية والإنسانية النبيلة التي يعتمدها قادة المجلس الانتقالي وهم يقفون ويضعون معهم الشعب الجنوبي عند مفترق طريقين لا ثالث لهما، ففي حين يحرص المجلس الانتقالي الجنوبي على التقيد بمتطلبات اتفاق الرياض وحشد كل الطاقات والممكنات لمقاومة المشروع الفارسي وذراعه المليشياوي في اليمن، يحشد خاطفو الشرعية كل الطاقات لتدمير كل متطلبات الحياة الطبيعية للإنسان في الجنوب، من خلال سياسات التجويع والتركيع التي تقوم على تدمير الخدمات والعبث بالموارد وحرمان أبناء الجنوب من حقوقهم وتشجيع الجماعات الإرهابية وتسهيل أنشطة الجماعة الحوثية وتمكينها من مواصلة تكريس مشروعها الطائفي الجاهلي المقيت.
ويعتقد هؤلاء (أعني خاطفي الشرعية) أنهم بهذه السياسات اللامسؤولة واللاوطنية يدفعون أنصار القضية الجنوبية إلى التخلي عن قضيتهم والانفضاض من دعمهم للمجلس الانتقالي الجنوبي، وهم واهمون فيما يظنون، لكنهم بهذا السلوك لا يعبرون إلا عن أقصى حالات الإفلاس السياسي والأخلاقي مضافا إلى الإفلاس العسكري والمعنوي الذي لم يعد بمقدورهم أن ينكروه أو أن يتحدثوا عما يحق لهم التباهي به أو مواصلة استمداد شرعيتهم منه.
كل هذا يضع المجلس الانتقالي ومعه كل الشعب الجنوبي أمام مفترق طريقين:
• إما استمرار الرهان على إمكانية تنفيذ اتفاق الرياض بعد مرور ما يقارب ثلاثين شهراً على آخر يوم لتنفيذ آخر فقرة من الاتفاق، وفي هذه الحالة فإن النتائج ستكون وبالاً محققاً ليس فقط على المجلس الانتقالي وحضوره ومستقبله في الخارطة السياسية الجنوبية، بل وعلى الشعب الجنوبي ومستقبل الثورة والقضية الجنوبيتين، لأن الجماهير اليوم لم تعد تأبه للشعارات والمُثُل والأهداف النبيلة التي لا تجد فيها ما يرفع عنها المعاناة والعوز والمجاعة والإفقار وحالات الإحباط واليأس التي تقاد إليها من قبل خاطفي الشرعية.
• وإما إبلاغ الأشقاء رعاة اتفاق الرياض بأن هذا الاتفاق وما تلاه من آلية تسريع قد افتقد كل ممكنات التنفيذ بسبب تعمد خاطفي الشرعية العبث بهِ وتحويلهُ إلى أداة من أدوات تعذيب الشعب الجنوبي دون بروز أي مؤشر لا على التوجه نحو التصدي للمشروع الحوثي وإسقاطه واستعادة دولة الشرعية في صنعاء، ولا على التوجه نحو تفعيل الحياة المدنية وحل الأزمات والاختناقات التي تضاعف من عذابات المواطنين في مناطق الجنوب، وفي هذه الحالة سيكون على المجلس إعلان تجميد تعامله مع هذا الاتفاق على طريق التخلص النهائي منه واختيار البديل الذي يراه المجلس مناسباً لمعالجة الاختناقات والأزمات التي يصنعها خاطفو الشرعية.
لقد أثبتت حكومة المناصفة فشلها في أبسط الواجبات، ويعود السبب في ذلك أنها تأتمر بأوامر من لا يريد خيراً لا للجنوب ولا للشمال، وإن استمرار هذه الحكومة لا يمثل سوى المزيد من دفع الأمور باتجاه الانهيار الشامل الذي يخطط له من يتحكمون في عمل الحكومة، ومن هنا فإن استمرارها لا يمثل إلا مزيداً من المعاناة للشعب الجنوبي، ولذلك فإن بقاء المجلس شريكا في هذه الحكومة سيجعل منه شريكاً في كل الشرور التي ترتكب في حق الشعب الجنوبي من قبل هذه الحكومة.
لقد آن الأوان للمجلس الانتقالي الجنوبي أن يعلن موت اتفاق الرياض ولن يكون بمقدور أحد نفي هذه الحقيقة إلا من كان مكابراً أو شريكاً في قتل هذا الاتفاق.
كما آن الأوان للأشقاء في التحالف العربي أن يميزوا بين التقدير والاحترام الذي يبديه الجنوبيون نحوهم وبين الفهم المغلوط لدى البعض الذي يعتبر أنَّ الجنوبيين قد سلموا أمرهم للتحالف ليسلم أمرهم وأرضهم واريخهم ومستقبل أبنائهم وأحفادهم لخاطفي الشرعية يعملون به ما يشاؤون.
نحن -الشعب الجنوبي - وخاطفو الشرعية نمضي في اتجاهين متعاكسين فلا هم يرضيهم تحقيق انفراج في حياة المواطنين الجنوبيين ناهيك عن استعادتهم لدولتهم، ولا الشعب الجنوبي يقبل بالمزيد من الإهانات والتجويع والتركيع وسياسات التعذيب الجماعي الممنهج تجاه أبنائه..
فافعلوها يا قادة الانتقالي ولا تخشوا غضب الغاضبين وسخط المفلسين الخائبين العاجزين حتى عن تحرير ديارهم وقراهم ومواطنيهم.
والله الموفق