حتى متى تظل الأمم المتحدة مؤسسة إنقاذ للحوثية؟؟
ما يزال الجميع يتذكر ذلك اليوم من العام ٢٠١٨م في مدينة ستوكهولم السويدية، حينما مدَّ خالد اليماني، وزير خارجية الشرعية اليمنية حينها، يده إلى يد محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية، ليوقع معه ما عُرِف باتفاق ستوكهولم، ويسميه البعض "اتفاق راين بو" نسبة إلى منطقة المنتجع الذي وقع أو أُعلن فيه الاتفاق، (وراين بو هو قوس قُزح، الذي لم يكن حينها قد تحول إلى شعار عالمي رسمي للمثليين).
يومها وعلى مدى أسابيع وربما أشهر لاحقة ظلت عبارات اللعن والشتيمة تتبع اسم خالد اليماني، قبل أن يستغني عنه الشرعيون (الكبار) ويستبدلونه بصبي من سنحان كان طباعاً في قسم الجوازات الدبلوماسية بوزارة الخارجية، ويرقونه إلى وزير خارجية دون أن يمر حتى بوظيفة نائب وزير أو وكيل أو مدير عام أو حتى مدير إدارة أو رئيس قسم، متجاوزاً كل الذين رأسوه لعشرات السنين، وهذا ليس موضوعنا.
كان وجود الأمين العام للأمم المتحدة البرتغالي الأصل أنطونيو غوتيريش بين الطرفين وبجانبهم المبعوث الأممي صاحب السمعة غير الحسنة في اليمن، مارتين جريفيت، مؤشراً على أن قرار الاتفاق قد صدر من دهاليز الأمم المتحدة قبل أن يتلهف له الشرعيون الذين كانوا يتمنون إنقاذ الحوثية من خسران ميناء الحديدة بأهميته الاستراتيجية والاقتصادية، الأمر الذي كان سيعني سقوط صنعاء في أسابيع وذوبان الحركة الحوثية أو عودتها إلى جبال مران في أحسن الأحوال.
وبهذا بينت المنظمة الدولية بأنها تمثل خط دفاع أمامي أو لنقل محطة طوارئ لإنقاذ الجماعة الحوثية كلما اشتد عليها الخناق، كما فعلت في أكثر من بلد عربي من تلك التي تشهد علو أصوات المليشيات المتمردة واضمحلال حضور الدولة بمعنييها المعجمي والاصطلاحي.
اليوم يتكرر المشهد من جديد، بعد أصدر محافظ البنك المركزي، الخبير المالي الأستاذ أحمد غالب المعبقي قرارته الجريئة بوقف التعامل مع البنوك والمؤسسات المالية التي لا تلتزم بتوجيهات البنك الرسمي في عدن.
فمثلما كانت الحركة الحوثية على وشك السقوط أثناء حصار قوات المقاومة الجنوبية والتهامية لمنفذها البحري الرئيسي في الحديدة عام ٢٠١٨م فبادرت الأمم المتحدة لتنقذها من الموت باتفاق ستوكهولم، فعلت هذه المرة لتنقذها من الموت مالياً وبالتالي سياسيا، بفعل قرارات البنك المركزي في عدن.
فقد توجه مندوب الأمم المتحدة السيد جريدنبيرج إلى سلطات رشاد العليمي الشرعية برسالة هي أقرب إلى الأمر منها إلى التنسيق أو تقديم المشورة ما لبثت السلطة الشرعية إن استجابت لها بلا نقاش ولا دراية ولا حتى احترام لرأي أكثر من عشرين مليون من المواطنين الجنوبيين والشماليين، ولا حتى آراء خبراء المال والأعمال الذين اعتبروا نهاية الحوثي وشبكة بقرارات محافظ البنك المركزي.
وهكذا تبرهن منظمة الأمم المتحدة أنها ليست مؤسسة لحماية وإنفاذ القانون الدولي واحترام سيادة البلدان، بل مجرد مؤسسة من مؤسسات رعاية الحروب وإطالة أمد الأزمات وتفتيت البلدان واستبقائها رهينة الجماعات المتمردة وضحية الحروب والنزاعات لخدمة مصالح الإمبريالية الاورو -أمريكية وربيبتها الحركة الصهيونية العالمية على طريق بلوغ الغايات بعيدة المدى لمشروع "برنارد لويس"، الذي ستكون لنا معه وقفة قادمة.
ويظل السؤال: حتى متى تظل هذه المنظمة جدار وقاية وسد حماية للجماعات المتمردة والعدوانية ومنها الحركة الحوثية في الجمهورية العربية اليمنية (السابقة)؟؟