انتهت الحرب في اليمن
قبل عدة سنوات تقريبآ صرحت بأن الحرب في اليمن توقفت أو أنتهت ، وتحديدا بعد توقف المعارك والانسحاب العسكري من مشارف ميناء الحديدة وتسليمه رسميا لمليشيات الحوثي ، وكان هذا أكبر خطأ عسكري إستراتيجي فادح وجسيم ، يرتكبه التحالف العربي بقيادة السعودية ، أنصاع التحالف حينها لضغوطات كبيرة من قبل الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي .
ما حدث ويحدث بعد نكسة ونكبة ميناء الحديدة رئة مليشات الحوثي التي يتنفس بها ومن خلالها ، هي عمليات عسكرية محدودة لكسب أوراق ونقاط ضغط لصالح هذا الفريق أو ذاك ، من أجل تحقيق مكاسب على الأرض تضعف هذا الفريق أو ذاك وتجبره على تنفيذ شروط ومطالب المنتصر في حرب اليمن ، معرفة من المنتصر ومن المهزوم في حرب اليمن سهلة جدا ، من خلال هل حقق هذا الطرف أو ذاك أهدافه العسكرية وترجمها إلى إنتصارات عسكرية وسياسية ودبلوماسية ، أم أخفق في تحقيقها ، الاخفاق يعني فشل وهزيمة بالعرف العسكري والأمني .
مشاركة القوات المسلحة الإماراتية بالتحالف العربي قلل من الخسائر العسكرية الفادحة للتحالف العربي ، كان مسرح عمليات القوات الإماراتية هو رأس حربة الانتصارات العسكرية بوقت قياسي في جميع الجبهات التي شاركت فيها ، في جنوب اليمن أو حتى في شماله كمأرب وغيرها .
لو كانت المملكة العربية السعودية سلمت قيادة التحالف العربي للإمارات عسكريا ، كان الوضع القائم غير هذا الوضع ، لكن للأسف الشديد أصرت المملكة على فرض رؤيتها ومصلحتها على باقي التحالف العربي دون تقييم لنتائج تلك الأخطاء العسكرية القاتلة في عاصفتي الحزم والأمل .
كان لقائد القوات البرية الملكية السابق الامير فهد بن تركي النصيب الأكبر في هزائم مسرح عمليات القوات السعودية في المناطق الشمالية تحديدا ، وكان التركي محل خلاف كبير بين الإماراتيين والسعوديين بسبب أدائه العسكري الكارثي في المناطق الشمالية ، ولهذا تمت إقالته وتعيينه قائدا للقوات المشتركة للتحالف العربي بعد خراب مالطا ، وبعدها إتهامه بقضايا فساد في حرب اليمن .
لو لم تشارك القوات المسلحة الإماراتية في التحالف العربي لما كان هناك مناطق محررة بالكامل في جنوب اليمن أو حتى في شماله ، بل كنا سندخل في سيناريوا كارثي من خلال سقوط مناطق سعودية حدودية وغير حدودية بيد مليشيات الحوثي ، وبالتالي كان وضعنا الراهن سيختلف كليا عن هذا الوضع القائم رغم فداحته .
للأسف الشديد كان الضغط السعودي على الإمارات كبير جدا جدا ، إلى حد تسليم الساحل الغربي للحديدة لقيادة سعودية والانسحاب الإماراتي من العند وعدن ، وكذا إنسحاب القوات المشتركة بالساحل الغربي لأكثر من 120كم وتسليمها للحوثي ، بدون أن تقدم مليشيات الحوثي أي مقابل عسكري أو حتى سياسي أو دبلوماسي جراء تلك الانسحابات المذلة من قبل التحالف العربي .
كل ما أسردته من تحليل ، الغرض منه هو أن المملكة وصلت لقناعة تامة بوقف الحرب في اليمن والخروج من هذا المستنقع اليمني الخطير بأي ثمن ، وهذا ما شجع مليشيات الحوثي على التعنت وعدم تقديم أي تنازلات حقيقية للمملكة ، لأنها فرطت بأوراقها الضاغطة على الأرض دون أن تجبر الحوثي على تقديم ما يقابله لتلك التنازلات المؤلمة والمذلة .
أصبح التحالف يفكر الان كيف يوقف مسيرات وباليستي الحوثي عن منشأته الحيوية ومدنه ، دون أن يكلف التحالف نفسه بالبحث عن نقاط ضعف الحوثي وإستغلالها كأداة ردع لأي إستهداف من قبل الحوثي على منشأته ومدنه مستقبلا .
كان بإمكان التحالف تزويد قوات جنوبية خاصة بسلاح نوعي فتاك كصواريخ باليستية متوسطة وقصيرة المدى ، وأنظمة دفاع جوي وطائرات مسيرة مختلفة المدى والأحجام للردع والرد على أي تهديد حوثي على التحالف أو الأراضي الجنوبية المحررة .
لكنها سياسة المملكة البيروقراطية العتيقة هي من أوصلتها إلى هذا المأزق الخطير جدا على أمنها القومي ومكانتها وسلامة أراضيها وإستقرارها ، على المملكة الكف عن سماع وطاعة الشرعية اليمنية المهترئة المنهزمة دائمآ وأبدا ، والتي ينحصر جل تفكيرها بالسيطرة على الاراضي الجنوبية المحررة بإسم الوحدة اليمنية اللعينة ، فثمان سنوات كانت كافية لكي تصحح المملكة مسارها الخاطئ وتقييم نتائج سياساتها الكارثية والمدمرة .
أصبح الخلاف حاليآ بين الحوثي والمملكة على تمديد الهدنة بسبب رواتب الموظفين المدنيين بحسب كشوفات 2014 م ، وهناك خوف وجدل كبير حول قيام الحوثي بعملية إحلال كبيرة لعناصره على حساب موظفين سابقين ، وبالتالي ستذهب المملكة إلى مأزق كبير وخطير عند تسليم الرواتب وظهور تظلمات من قبل من تم الاحلال بدل عنهم .