أسباب تفوق الإعلام الشمالي

منبر عدن - خاص

هناك تفوق واضح للإعلام الشمالي على نظيره الجنوبي، سواء في البرامج السياسية أو الترفيهية أو الإنتاج الدرامي، وهذا التفوق لا يأتي من فراغ، بل يعود إلى أسباب متعددة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة جوانب رئيسية:

أولًا: الجانب السياسي
في الشمال، تحرص الأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها، سواء المؤتمر أو الإصلاح أو الحوثيون، على دعم وتمكين كوادرها الإعلامية، فهم لا يعتبرونهم مجرد أدوات للاستخدام المؤقت، بل جزءًا أساسيًا من منظومتهم السياسية والإدارية. ولهذا، يتم تأمين أوضاعهم داخل مؤسسات الدولة، سواء في الحكومة الشرعية أو في حكومة الحوثيين، او يتم استيعابهم ضمن قنوات فضائية ومنصات محلية او عربية ما يضمن لهم الاستمرارية والتطور.

أما في الجنوب، فالوضع مختلف تمامًا، إذ لا يتم التعامل مع الإعلام كركيزة أساسية، بل كمجرد وسيلة تُستخدم وقت الحاجة، حيث اهتم القادة السياسيون بترتيب أوضاعهم، بينما لم يُولِ الإعلام الاهتمام الكافي، مما انعكس سلبًا على حضوره وتأثيره.

ثانيًا: الجانب الاقتصادي
في الشمال، يدرك رجال المال والأعمال أهمية الإعلام ويعتبرونه جزءًا من منظومة أعمالهم، سواء لتعزيز مبيعاتهم، أو بناء الثقة مع المجتمع، أو حتى للتغطية على صفقاتهم غير القانونية. ولهذا، نجد دعمًا سخيًا للإعلام في مختلف أشكاله، من قنوات فضائية وبرامج ترفيهية ومسلسلات، إلى دعم مباشر لشخصيات إعلامية ومواقع إخبارية ومنصات رقمية.

أما في الجنوب، فالنظرة إلى الإعلاميين لا تختلف كثيرًا عن نظرة السياسيين لهم، حيث يتم التعامل معهم كأدوات مؤقتة لا تُمنح أي استمرارية أو استثمار حقيقي، مما يجعل البيئة الإعلامية الجنوبية ضعيفة وغير قادرة على المنافسة.

ثالثًا: نظرة المجتمع للإعلاميين
في الشمال، تحظى الشخصيات الإعلامية بدعم كبير من جمهورها السياسي، حيث تجد أن كل طرف يمجّد الإعلاميين الذين يمثلونه. على سبيل المثال، الإصلاحيون يدافعون عن إعلامييهم باستماتة حتى لو أخطأوا، وكذلك المؤتمر والحوثيون، مما يعزز مكانتهم ويجعلهم مؤثرين في الرأي العام. بل إنهم يحظون بتفاعل إيجابي في صفحاتهم، ويتم دعمهم وتشجيعهم من قواعدهم الشعبية، على الرغم ان اكثر الإعلاميين في الشمال لهم رواتب ومخصصات من عدة دول ومبالغ كبيرة ومع ذلك لا احد يذكر ذلك او يتهمهم بالارتزاق او الخيانة.

أما في الجنوب، فالأمر مختلف تمامًا، حيث يعكس الواقع السياسي نفسه على المجتمع، مما أدى إلى نظرة سلبية تجاه الإعلاميين. يُنظر إليهم على أنهم مجرد "مطبلين" بلا قيمة حقيقية، وأدوات للاستخدام عند الحاجة فقط، او اتهامهم بانهم يستلمون راتب او دعم من الجهة السياسية الفلانية وكأنه حرام عليهم ان يكونوا موظفين يمارسون دورهم السياسي، بالمختصر لا يوجد  أي تقدير لدورهم أو مساهمتهم في تشكيل الوعي العام.

والنتيجة عندما يتم الاهتمام بالإعلام كقطاع حيوي، تكون النتائج مثمرة ومؤثرة، ولكن عندما يتم إهماله والتعامل معه باستخفاف، فمن الطبيعي أن تكون النتائج عكسية وضعيفة.

المشكلة عميقة، والخلل يبدأ من القمة إلى القاع، مما يجعل من الصعب تطوير الإعلام الجنوبي في ظل هذه المعطيات.

مقالات الكاتب